الاثنين، 25 أكتوبر 2010

نور الصباح

فى المساءالبنت فريده الصغيره ذات شعر المهوش جلست بجنبى وانا أشهد التلفزيون .ثمان سنين وشعرها مهوش لاترتبه ولا تحرص على بقاء ترتيب امها له أكثر من دقيقتين. رغم صريخ امها ومحاولاتى إفهمها أهمية النظام و العناية بالذات تجيبنا بابتسامة ودودة مريحة وعيونها المتشككة.

- حاضر.

أتابع فيلم "ماتركس" وهى بجوارى تحاول المتابعة هى تفضل الأفلام العربى أو أفلام الكرتون المدبلجة ، ولأنها مصابة بطول النظر وقراءة الترجمة بالنسبة لها مجهدة خاصة و أن نظارتيها الطبيتين إحدها إما فاقدة لعدسة أو ذراع أو منبعجة أغلب الوقت وهذا نتيجة لحالةعدم الإهتمام بالتفاصيل والتى تعيشها فريدة أغلب الوقت رغم ضغط أمها الدائم.

- دى بنت إزاى ما تبقاش منظمه ، حتأسس أسرة وبيت إزاى أذا كانت عايشه الفوضى كده طول الوقت .

فى الصباح بكت فريده لأن دميتها "نور الصباح" تمزقت وهى تجذبها من يد أختها أثناء اللعب. و لأن بكاء فريدة يؤلمنى و يوترنى تدخلت موبخا أختها ومحاولا إرضاء فريدة. كنت لحظتها أعتقد أن نور الصباح . الدمية . شئ يمكن إستبداله ببساطة بأى دمية أخرى.

- خلاص بقى يا فريدة أنا حشتريلك غيرها يا حببتى.

- بابا أنت ليه مش فاهم نور الصباح ماتت خلاص مش حيبقى فيه نور الصباح تانى .

- فريدة أنت كبيره وفاهمه كويس أن العريس شئ يعنى ما بتموتش .

- أنت اللى ما تعرفش نور الصباح . أنا عايزه أعملها تربه و أدفنها فيها.

- بنت بلاش كلام فاضى يالا روحى إمسحى دموعك و أغسلى وشك بلاش كلام فاضى.

فى المساء البنت فريدة ذات الشعر المهوش جلست بجانبى وخبطت على يدى بيدها الصغيرة الدافئة دوما ونادتنى مرتين كما تفعل دوما قبل أن تفتح موضوعا .

- بابا ..بابا.

- نعم يا فريده ..فريده.

- أنا مش فاهمة حكاية إن انا بكبر و أنت بتكبر دى .

ولأننى كنت مستغرقا فى الفيلم ، أجبتها بحدة محاولا إنهاء الكلام سريعا .

- يعنى إيه يا فريده؟؟ الوقت بيمر ولما الوقت بيمر أنا بكبر و أنت بتكبرى فيها إيه دى ؟

- تيته نعمات لما كٌنت صغيره زمان كانت صغيره وبعد شويه كبرت وماتت . وكمان جدو وكمان تيته عفاف . وبعدين أنت حتكبر وحتموت و أنا حكبر و أخلف ولاد و أموت .. طيب ده كله ليه يعنى .أنا مش فاهمه و لزمتها إيه الحكايه دى كلها؟

فجأة أصبح الفيلم سخيفا و وجدت نفسى أجلس غاية فى البله أمام إبنتى ولا أجد ردا مقنعا أقوله لنفسى.

الاثنين، 27 سبتمبر 2010

التمثيل

قديما

عرفت من سارتر فى رواية لا اذكر اسمها ، أن طفلا جلس على مائدة طعامه و اكتشف أن الرجل الجالس أمامه يمثل دور الأب والمرأة التى تجلس على يساره تمثل دور الأم و الطفل نفسه يمثل دور الأبن والقنينة الجالسة على المائدة تمثل دور القنينة .

ساعتها
أدركت أننى العب دور حسان فى المسرحية التى تدور حولى و أننى ملزم بهذا الدور ولن استطع الخروج منه الى حين .

حتى الآن
يختلط على الأمر هل هذا ما أريد أم هذا ما أدعيه ؟

السبت، 19 يوليو 2008

رجل و سيد الرجال

في شهر مارس و قبل عيد الأم بثلاثة أيام شددت على يد خالد واستعملت الطبقة الخشنة من صوتي حتى يبدو عميقا ورجوليا أكثر وقلت " البقية في حياتك ..شد حيلك " .واقف خالد أمامي و عيونه محمرة من كثرة البكاء على أمه ، شاربه أسود ضخم ،عظام فكيه العريضة و وسامة يمتلئ بها وجهه . بجواره يقف عم رشدي أقصر من خالد وأطول منى و وجهه خال من التعبير ويملك عيني قط عجوز لئيم. كنت ساعتها أعرف أن خالد يحب أختي الكبرى حنانفي شهر يناير توقف رمزي النطع أمامى بدراجته البخارية. النطع لم يكن لقب رمزي ولكنه شهرته في الحي. توقف رمزي أمامي ونظر إلى بسخرية ثم قال لي "أنت مش راجل يا وله " جرى الدم في رأسي وفى أقل من خمس ثوان كنت قد سحبت مطوتى القرن غزال من الشراب وفتحتها وقفزت خلف رمزي على دراجته ووضعت المطواة في عنقه وقلت له " قول تانى كده يا روح أمك " لم يستطع رمزي أن يقول شيئا و أعتقد أنه توقف عن التنفس تماما قلت له بصوت أكثر هدوءا ومحمل بالغضب البارد والكراهية "متقول تانى كده يا ابن ..." واصفا أمه بنعت مهين , تمالك رمزي نفسه وقال " خالد ماشى مع حنان أختك و أنا لسه شايفهم ماشيين في الجنينه وشبكين إديهم في إيدين بعض " تركت سن المطواة يصنع خطا رفيعا في رقبته أعرف أنه لن يقتله ولكنى أعرف أن هذه العلامه ستبقى لوقت طويل,ولم أنتظر تفجر الدم بل قفزت من خلفه وصعدت إلى بيتنا وتركته يولول كطفلة صغيره . صعدت السلام قفزا وقفت أمام أمي التي سألتنى حينما رأتني سألت بهدوء العارفين "إيه اللى حصل يا سان " قلت وأنا الهث " خالد ماشى مع بنتك حنان" أشرت لي أن أجلس .. هززت رأسي رافضا قالت "أقعد عشان تفهم " جلست والأدرينالين يجعل الدم يطن في أذني قالت " خالد وحنان بيحبو بعض وحنان قيلالى على كل حاجه" صرخت وأنا أقف " يعنى إيه؟؟" ارتفعت يد أمي لتهبط على وجهي .. فجأة ذهب كل الأدرينالين من دمى و وجدت نفسي طفلا صغيرا تلمع الدموع في عينيه جذبتني أمي إلى حضنها. ربتت على رأسي . همست في أذني" أنا وخالتك عيشه أم خالد متفقين على كل حاجه . خالد حيخطب حنان في شهر سبعه .في شهر مارس قبل عيد الأم بستة أيام أغلقت خالتي عيشه على نفسها الحمام وسكبت على نفسها الجاز وأشعلت النار. بعدها بيومين توفيت في مستشفى المواساة .ولم يعرف أحد أبدا لماذا فعلت خالتي عيشه ذلك حتى أمي صديقتها الصدوق والعالمة بكل أسرار المنطقة رجالا ونساءا.الرابع عشر من إبريل كنت وقفا قبل الفجر في البلكونه أدخن سيجارة بعيدا عن أنف أبى ويده التي لازلت أخشاها حينما سمعت صوت خالد في غرفته يصرخ " أنت مش بنى أدم ما عندكش قلب " .قبل أن أنهى سيجارتي التي دخنتها بتلذذ نزل خالد إلى الشارع يرتدى شوالا على جسده العار و أسند ظهره على الحائط يبكى وجسده يهتز .نزلت إلى خالد جريا وسحبته من يده وأدخلته إلى غرفتي محاذرا أن يسمع أحد صوت فتح أو غلق الأبواب خاصة أبى .من المعلومات المتداولة في حينا أن عم رشدي الشايب هو مدرس محترم سافر إلى الخليج وأنه ميسور الحال وحينما يتكلم يأتي كلامه دائما مدعما بالقرآن و الأحاديث النبوية .وأنه رجلا في حاله لا يحب الاختلاط ، بل يكرهه .وجوده في بيته معناه أن لا تخرج خالتي عيشه وأن لا يزورها أحد. وإذا تصادف واحتاجتها أمي أو غيرها في أمر طارئ. يجيب عم رشدي من خلف الباب بتحقيق طويل ثم يختم كلامه بأن "مفيش حد هنا" . أي كان هذا الزائر وأي كان مبرر الزيارة. كنا نتعامل في المنطقة مع الأمر على أن الرجل حر في بيته.منذ خمس أعوام تقريبا تصادف أن كنت واقفا على ناصية الشارع وكانت خالتي عيشه تقف عند الجزار تشترى لحما.عم محجوب رجل مشهور بسرعة خاطرته وقدرته على صنع البسمة على وجوه زبائنه من الرجال و النساء بكلامه الظريف.كانت خالتي عيشه تبتسم وتدارى وجهها الأبيض الجميل في خجل برئ بينما الضحكة الطويلة لخالتي زينات ترن في المنطقة كلها وزوجها وقف بجورها غارقا في الضحك هو الأخر .امتدت يد عم رشدي لتسحب يد خالتي عيشه بقوة, مخرجا إياها من المحل ..كان وجهها مصفرا , أقسم أن جسدها كان يرتعد كجسد طفل فتح فوق رأسه الماء البارد في شهر ديسمبر . كان عم رشدي يجرها من يدها حينما أسرع خلفه عم محجوب الجزار وأستوقفه وناوله كيلو اللحم الذى دفعت ثمنه خالتي عيشه وقال له" ماحصلش حاجه يا أستاذ رشدي .أنا بحب الاغى زباينى واللى كانت بتضحك هى الحاجه زينات وجوزها كان واقف جنبها " لم يجب عم رشدي وتناول منه اللحم و إبتسم إبتسامة عصبيه صفراء وتابع سيره جارا خالتى عيشه وعيونها تستغيث بكل من تراه ولكن بلا صوت وبمنتهى الاستسلام ليد عم رشدي .عند باب بيته دفعها تجاه المدخل وأقسم أنه ضربها شلوتا قذف بها إلى الداخل والقى بلفة اللحم في الشارع . حملت لفة اللحم إلى أمي التي وضعتها في الفريزر وهى تقول "عينى عليك يا عيشه يا أختى ربنا يصبرك على ما بلاك."بعدها لم تخرج خالتي عيشه إلى الطريق مرة أخرى قط الا قبل عيد إلام بثلاثة أيام حينما خرجت محمولة في سيارة الإسعاف إلى المستشفى ولم تعد إلى بيتها قط.من بين دموع خالد التي تخرج من عينه وانفه وهو جالس في غرفتي عرفت أن أباه قد طرده من المنزل وانه أصر أن يخلع خالد كل ملابسه التي أشتراها له حتى الملابس الداخلية ولم يجد خالد سوى جولا ليستر عورته .كان كيان خالد الرجولي الضخم ينتفض من البكاء كطفل صغير و لا يثير سوى الشفقة , كنت أتأمل مندهشا التناقض بين حالته الطفولية و رجولته التي كانت مثار اهتمام من في سني ، كنا كلنا نتمنى شاربا كثيفا ضخما كشاربه. أخرجت له طقم داخليا من دولاب ملابسي وقميص وبنطلون انحشر فيهما و أفهمته بأنني لا أستطيع استضافته لأن أبى و أمي لن يوافقا على إقامته معنا لأن البيت فيه بنت في سن الزواج ، طلب أن أسلم على حنان وأن أخبرها بأنه سيعود ولكن لم يعلم متى مرت ثلاثة أعوام ولم يعد خالد ولم يتقدم أحد لخطبة حنان وفى الحادي عشر من شهر يونيو كانت حنان تجلس في البلكونه وتصدر ضحكات خفيفة . لم تكن تراني ولكن من الواضح أن هناك أحد يشير لها وهى تهز كتفها وتضحك كانت تنظر إلى ناحية بلكونة خالد . أسرعت إلى البلكونه لأحيى خالد , فوجئت بعم رشدي في البلكونه يقف في البلكونه مرتديا فانيلا حملات والشعر الأبيض يظهر في صدره ويشير إلى حنان نظرت إليها ونظرت إليه والدم ينفع في رأسي. جرت حنان إلى الداخل بصقت على عم رشدي و دخلت .كانت حنان تختبئ خلف أمي التي تشرب القهوة مع أبى في الصالة .كنت اصرخ في حنان وأشتمها . كان أبى يقف بجسده بيني وبينها محاولا الفهم حينما رن جرس الباب لنفاجأ جميعا بعم رشدي يبتسم في لزاجة قائلا" انا جاى أطلب أيد حنان" ونفاجأ أكثر حينما توافق حنان وتصر عشر سنوات مرت دخلت أختي حنان مستشفى الأمراض العقلية ثلاث مرات بسبب الإكتئاب الشديد وتكرار محاولات الانتحار وظهر خالد ، صار يلعب الكره بين السيارات المارة يوميا في ميدان سموحه مرتديا فقط ما يستر عورته غير مبال بالسيارات التي اعتدت على وجوده وصارت تتفاداه .وخرجت من سجن الحضره بعد أن قضيت ست سنوات بعد ذبحي لعم رشدي أمام محل عم محجوب الجزار . كنت قد وقـفت على جثته منتظرا حضور البوليس بهدوء وأنا موقن أنني لم أخطئ .

حسان دهشان14/6/2008

الاثنين، 16 يونيو 2008

عمى فاروق والشمسية

أجلس على حافة الشرفة في الدور الارضي لبيتنا أراقب البنت حسنه وهى تلعب في التراب وفخذها العاري منحط على التراب في رخاوة لا أعرف لما أحب النظر إليه. أمي لا تسمح لي بالعب في التراب خاصة أنها قد أعطتني دشا مبكرا على غير العادة ومشطت شعري وفرقته من الجنب .لم أتخلص من فرق الجنب إلا في السابعة عشر من عمري.أعدت شعري إلى الخلف إيذانا بأني رجل ولى مكينة حلاقه خاصة بدلا من سرقة ماكينة أبى المقدسة.
أجلس على حافة الشرفة . ظهري. لأمي بجسدها الضخم الذي أراه بدون أن ألتفت إليها. صوتها يملئ أذني فأشعر البهجة والثقة تملأني .أسمع صوت عمى بسنينه التسعة عشر باهتا مترددا يقول كلمة واحدة يكررها لا يقول غيرها .حاضر ..حاضر ...حاضر بينما تقول أمي: أوعى يفلت من إيدك العربيات مليه الشارع ..تروح على مركز التطعيم تطعمه وتيجى على طول أوعى تخده وتعدى على أمك .أحسن حفضل قلقانه و مش حطمن إلا لما تيجو . خد ربع جنيه اهوه تجيبلك علبه كيلوبترا أنا عارفه انك بتشرب سجاير ومش حقول لأخوك متخفش .بس وحياة عنيك تحافظ على سان. يالا ياسان علشان تروح مع عمك.
كان لابد أن ألتفت ,لعمى و على سور الشرفة ولد مؤدب يسمع الكلام ولا يمارس شقاوته إلا في الخفاء.نزلت وسلمت أمي يدي لعمى و دست في يدي الأخرى شمسيتي الصغيرة الملونة بالأزرق واللبني وعليها مراكب صغيره تبحر في البحر.كنت سعيدا بالشمسية التي لا يسمح لي باللعب بها ولتلمسها يدي حينما نذهب لنستقبل خالي في المطار وهو عائد من الكويت والشمسية لم يشتريها لي أبى بل خالي محمود لذا تحرص أمي عليها كما تحرص على كل ما يأتي به خالي محمود من الكويت .
ضغط عمى على يدي بقوة حاولت الرد عليها بقوة مضادة لم تفلح أمام كفه الكبيرة. صرخت بيدوس على إيدى وبيوجعنى يا ماما . تغير صوت أمي ليحمل تهديدا واضحا مستمد من سلطان أبى على أخوته الصغار قالت كلمة واحده فاروق عند حرف الواو ارتخت يد عمى تماما .كنت فرحا بإنتصاري وكان عمى يثأ ثئ محاولا التبرير .
الشمس تستطع بجنون والوجوه لزجة بعرق يوليو السخيف و أنا أرفع شمسيتي الصغيرة والتي صنعت ضوء أزرق أراه على قميصي الأبيض النظيف والذي تخرج منه رائحة معطره تشعرني بسعادة العزلة عن العالم الساخن من حولي.
انعطف الطريق وغبنا عن عيون أمي المتابعة من الشرفة .هوى كف عمى على قفاي أرتج جسدي كله واختل توازني وكدت أسقط نظرت إلى عمى بعيون دماعة أرسل سؤالا واضحا على وجهي المر تعب (لماذا) أجابتني نظرة البغض وملامح وجه عمى المنقبضة و صوته الجاف الخشن اعدل الشمسية يا ابن الكلب الشمس دخلالك. لم تكن هناك أي شمس تلمسني لكن إنه عمى ولابد أنني أخطأت لهذا ضربني . غيرت وضع الشمسية . لسعة قويه هوت مرة أخرى على قفاي أعدل الشمسية يا أبن الكلب يا حمار. كانت الدموع تصنع بقعا للبلل على قميصي الأبيض وكنت أبكى بصمت أعرف أن لا سلطان لأحد عليه في هذا الشارع الغريب والذي لو تركني فيه فسأضيع ولن أعود إلى أمي وأبى وبيتا البارد في هذه الحرارة الخانقة .مرعبا كنت أن يتركني في الشارع الغريب المشمس والوجوه الغريبة الغارقة في العرق والمخيفة . عدلت وضع الشمسية ألاف المرات. ورفسني عمى مرة فسقطت على الأرض وأتسخ قميصي بالتراب وأصبح به بقع طينية من اختلاط الدموع بالتراب . لم أبك حينما أعطتني الممرضة الحقنة خوفا من أن يضربني عمى. ولم يخدعني أن صوته كان رقيقا لينا وهو يكلم الممرضة ذات العيون السوداء والتي يعلو جفونها كحل أسود جميل. فأنا أعرف أن صوته سترتد خشونته بمجرد أن نترك الممرضة. لم أستجب لمداعبات الممرضة خوفا أن يغار منى لأنها تكلمني بلطف ولا تبتسم لاستظرفاه اللزج الخجول.
في طريق العودة قال لي عمى أوعى تتوه منى أحسن الناس يخدوك ويعملوا فيك حاجات وحشه زى اللي ظبطوا الواد عجوه صبى الميكانيكي بيعملها لشريف إبن طنط إعتدال .الرعب مضاعفا تخايلني الصور المخيفة لحالي لو تهت. اشترى عمى علبة سجائر وأخذ الشمسية منى ورفعها فوق رأسه . يد فيها الشمسية ويده الأخرى فيها السيجارة وأنا أكافح لأبقى قريبا منه خوفا من الضياع . بدأ عمى يسرع الخطى وأنا أكافح للحاق بساقيه الطويلتين .أسرع فيزيد من سرعته حتى أنه بدأ يجرى وأنا أجرى خلفه مذعورا مرعبا .
عندما أصبحت الشوارع مألوفة عرفت أنني اقتربت من البيت. توقف عمى و التفت لي أعطاني الشمسية وأصر على أن يشترى كوز ذره مشوي الذي أحبه فى مقابل أن لا أخبر أمي وأبى أنه ضربني . لم أكن مهتما بكوز الذره كل ما يهمني العودة إلى البيت إلى أمي وأبى .لهذا لم أبالى عندما غير رأيه وأسترد منى كوز الذرة وأعطاني قطعة صغيره تظاهرت بأكلها بشرهة حتى يعرف أن اتفاقنا ساري المفعول.
حينما لمحت بيتنا من بعيد جريت نحوه. حتى قبل أن أتيقن من وجود أمي في الشرفة. حاول عمى اللحاق بي ولكن انطلقت بكل قوتي . حينما وصلت لأمي قذفت بقطعة الذرة في وجه عمى وقذفته بشمسية خالي وقلت له (إنت اللي ابن كلب وستين أبن كلب كمان وحقول لبابا إنك ضربتني وإنك بتشرب سجاير كمان .
الآن أصبحت في الثانية والأربعين. سبع وثلاثون عاما مرت ولا زلت أكره عمى والذرة المشوية وكل أنواع الشماسي.
حسان دهشان
15/5/2008